بقلم الأستاذ أحمد سليمان أحمد الغنيمي: لعل الأهم من الوقاية هو معرفة ما هو الاشعاع بصفة عامة حتى نعرف تماما كل شيء عن الخطر الذي يجب ان نقي أنفسنا منه في حالة تعرضنا للإشعاع وبصفة عامة وبسيطة فإن الاشعاع هو عبارة عن طاقة تطلق على هيئة موجات كهرومغناطيسية او جسيمات من ماده ما. وحتى لا ننظر الي الاشعاعات من منظور الخطورة فقط فهناك نوعان من الاشعاعات.
اشعاع مؤين واشعاع غير مؤين.
معنى التأين في الاساس هو حالة عدم الاستقرار للذرة التي هي اساس الوسط المادي والتي تكون قد فقدت الكترونا وأصبحت موجبة الشحنة.
اولا: الاشعاعات غير المؤينة
هي الاشعاعات التي ليس لها اي تأثير على الوسط التي تمر من خلاله لأنها بذلك تحتوي على طاقة منخفضه جدا ومثل هذه الاشعاعات اشعه الراديو والمايكروويف. وهذه ليس لها اي تأثير على الصحة العامة للإنسان حيث اننا نتعرض لها بصفه مستمرة.
ثانيا: الاشعاعات المؤينة
هي اشعاعات ذات طاقة عالية جدا تتسبب اثناء مرورها في الوسط المادي طرد الالكترونات من ذرات المادة وتحولها لأيونات، ولهذا السبب فهي ضاره جدا على صحة الانسان إذا ازدادت عن حدها ولهذا يفضل عدم الاسراف في الكشف الطبي من خلال اشعة اكس.
من امثلة الاشعة المؤينة اشعة اكس واشعة جاما وتعتبر اشعة جاما اشد خطورة من اشعه اكس بسبب احتوائها على طاقة عالية وقدرتها العالية على الاختراق في الاوساط المادية وقدرتها على الاضرار بصحه الانسان. ومن الأمثلة الأخرى عن الاشعاعات المؤينة الجسيمات المشحونة مثل جسيمات الفا (انوية ذرة الهليوم) وجسيمات بيتا لذلك يعطي العاملون في هذا المجال رعاية طبيه ووقاية عالية جدا من الاشعاع للحفاظ على صحتهم.
تختلف قدرة نفاذية هذه الانواع عن بعضها البعض حيث ان الموجات الكهرومغناطيسية لها قدره عالية جدا علي النفاذ بالمقارنة بقدرة نفاذية اشعاع جسيمات الفا وبيتا حيث ان الموجات الكهرومغناطيسية تتكون من فوتونات ذات طاقه عالية جدا بينما جسيمات الفا وبيتا تتكون من الكترونات طاقتها اقل بالمقارنة بطاقة الفوتونات حيث ان الفا و بيتا يمكن ايقافها بواسطة ورقة سميكة من الورق او شريحه رقيقه من الالومنيوم بينما اشعة جاما لها قدره عالية علي اختراق الاجسام وتحتاج لإيقافها عدة سنتيمترات من الرصاص او عدة امتار من الماء للتقليل من خطورتها.
من خلال تلك المعلومات عن الاشعاع وانواعه واختلاف خطورته من نوع لأخر يمكن اعطاء فكرة مبسطه عن كيفية الوقاية من خطورته. حيث يمكن تقسيم العوامل المؤثرة الي ثلاث عوامل تختلف من حيث الأهمية
- زمن التعرض
- المسافة
- الدروع الواقية.
أولا: زمن التعرض
يمكن اعطاء تعريف له من خلال الجرعة الإشعاعية الممتصة في زمن قدره (ز) حيث ان مقدار الجرعة الإشعاعية الممتصة لأي فرد يعمل في محيط منطقة الاشعاع ذات معدل جرعه معينه تتناسب طرديا مع زمن بقاءه في تلك المنطقة ويمكن اعطاء قانون يوضح العلاقة بينهم حيث ان
الجرعة الكلية = معدل الجرعة * زمن التعرض
اذن وبدون تعقيد في المفهوم فان من ابسط سبل الوقاية من الاشعاعات هو تقليل زمن التعرض في مناطق الاشعاع.
معلومة. قد حددت الوكالة الدولية للوقاية من الاشعاعات ان حد الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها الفرد العامل في هذا المجال تقدر بـ 20 مللي سيفيرت سنويا، ولذا وجب تقليل زمن التعرض.
ثانيا: المسافة
لعل المسافة تعد ايضا من اهم الاساليب المتاحة للوقاية من الاشعاع حيث انه كلما زادت المسافة بين العنصر المشع والفرد العامل كلما قلت الجرعة الإشعاعية التي يمكن ان يتعرض لها الفرد حيث ان العلاقة بينهم عكسية.
ثالثا: الدروع
هذا العامل هو الاهم في حالة التعرض لعناصر اشعاعيه عالية في القدرة فان الاعتماد على عاملي الزمن والمسافة لا يفي بالمطلوب للوقاية في هذه الحالة عندئذ لابد من وجود دروع للحماية من خطورتها.
ولكن هناك عواما تؤثر على اختيارنا لنوع الدرع المناسب حيث لابد من معرفة نوع الاشعاع الصادر اولا فكما ذكرنا سالفا انواع الاشعاع منها الفا وبيتا وجاما.
أولا: دروع للوقاية من اشعاعات الفا
اشعاع الفا لا يشكل خطرا كبيرا على الافراد العاملين حيث يمكن ايقافها بواسطة طبقه من الهواء لا تتجاوز الثماني سنتيمترات او طبقه رقيقه من الورق.
ثانيا: دروع للوقاية من اشعاعات ببتا
اشعاع بيتا هو الاخطر من اشعاع الفا حيث انها تحمل الشحنة السالبة مثلها مثل الالكترونات ولكنها تختلف عن الالكترونات من حيث المصدر فمصدرها من داخل النواة بينما الالكترونات من المدارات الخارجية للذرة وعندما تفقد بيتا طاقتها عن طريق التأين او الإثارة فانه ينتج ما يعرف بإشعاع الفرملة او اشعة اكس المستمرة. لذا فان لابد من اختيار نوع الدروع الخاصة بها ولهذا تفضل المواد ذات العدد الذري الصغير لعمل دروع للوقاية من اشعاع بيتا وذلك لخفض كمية الأشعة السينية المتولدة. وايضا تحاط تلك الدروع بدروع اخري لتقليل الأشعة السينية التي حدث لها تشتت. وباستخدام درع سمكه مساوي لمدي اشعة بيتا فانه يمكن ايقافها تماما، وسمك الدرع لا يعتمد على النشاط الاشعاعي للمصدر وانما يعتمد على الطاقة العظمي لطاقة جسيمات بيتا. وهناك قوانين لحساب المدي وحساب جزء الاشعاع من بيتا المحولة الي فوتونات. نحن في غني عنها الان.
ثالثا: دروع للوقاية من اشعاع جاما
اشعاع جاما كما ذكرنا عباره عن فوتونات لها طاقة عالية جدا ولها قدرة نفاذ عالية جدا جدا. حيث انه عند اختيار مادة الدرع نضع في الاعتبار بانه يتم فقدان الطاقة من خلال ثلاث عمليات وهي (التأثير الكهروضوئي – تأثير كومتون – انتاج الازواج). او عن طريق تشتته او انحرافه عن مساره وبذلك يحدث نقص في عدد الفوتونات التي تخترق سمكا من هذه المادة حيث ترتبط بقانون اسي يربط العلاقة بين عدد الفوتونات الساقطة والفوتونات التي تنفذ في ماده سمكها (س) ومعامل الامتصاص للمادة.
ولذا وجب اختيار مادة الدرع لتقليل من خطورة اشعه جاما ماده عددها الذري كبير ذات سمك عالي لتفقد اشعة جاما طاقتها بعد اختراقها لبضعة سنتيمترات منه.
استخدامات الاشعاع في مختلف المجالات
يستخدم الاشعاع في مجالات عديدة يعتبر اهمها المجال الطبي حيث يستخدم في علاج الاورام ولكن بطاقات عالية حيث يعمل على تفتيت الخلايا المصابة بالسرطان ويعمل على توقف نموها وجرعات الاشعاع لها حدود بمعني ان لكل نوع سرطان جرعه مناسبه. بحيث لا يتعدى حدوده ويؤثر سلبا على صحة المريض.
ويستخدم ايضا من خلال اشعة اكس المنخفضة في تصوير الكسور في العظام.
وفي مجال الصناعة يستخدم الاشعاع في تصوير انابيب البترول والكشف عن الثقوب لمنع التسريب.
وفي مجال التجارة تستخدم الفيزياء الإشعاعية في الكشف عن المواد المشعة داخل الحاويات.
وفي النهاية اتمني ان اكون قد قدمت مقالا مفيدا لعل الله يحدث بعده امرا. فان اصبت الهدف منه فهذا توفيق من الله وان اخطأت فهذا من عمل الشيطان. ادعو الله لكم بالخير واتمني لكم دوام الصحة والعافية.
الأستاذ أحمد سليمان أحمد الغنيمي
بكالوريوس العلوم الطبيعية جامعة طنطا ودبلوم في الفيزياء الإشعاعية جامعة الإسكندرية فيزيائي طبي – جمعية مرضي الاورام – طنطا جمهورية مصر